فاصل فني.. رشة جريئة حبة الكرز التي زينت مسيرة ماهر عواد
هل سمعت من قبل عن فيلم اسمه “الدرجة التالتة”؟ .. هل تعرف إنه بطولة “أحمد زكى” و “سعاد حسنى” وإخراج “شريف عرفة”؟.
هل تعرف فيلم الفانتازيا العظيم صاحب الفكرة الرائدة “الحب فى التلاجة”؟ .. بطولة يحيي الفخرانى!
ربما فاتك الدرجة التالتة والحب في الثلاجة، وقد تكون لمحت في يوم من الأيام “يا مهلبية يا”، لكن من المؤكد أنك تعرف الفيلم الشهير “سمع هس”.
كل هذه عناوين كتبها ورسم سيناريوهاتها كاتب ومؤلف شديد الخصوصية اسمه “ماهر عواد”.
هو بالنسبة لي “فنان مؤلف” من نوع خاص، كونه اهتم بالكيف أكثر من الكم طوال مشواره الذي يبدو للبعض أنه قصير بسبب قلة أعماله.
الاهتمام بالسيناريو والقصة جعل ماهر عواد من أكثر المبدعين الذين قدموا القليل من الأعمال، فقد كان يركز على أن تحقق السيناريوهات هدفها بتقديم الفكرة بشكل جميل غير متكلف؛ ومرونة كتاباته ستظهر لك الفكرة المطروحة كما تحب أنت دون فرض رأي معين عليك.
حادث شريهان و11 سنة من النسيان
ماهر عواد هو زوج السندريلا سعاد حسنى وحبها الأخير قبل وفاتها، كان شخص له عالمه الخاص رغم أن أفلامه المعروضة كلها لا تتجاوز الـ 7 فقط، منهم فيلم انتشر جماهيريًا ومحبوب بين قطاع كبير من عشاق السينما “رشة جريئة” لأشرف عبد الباقي.
في بداية انتاج قصة فيلم رشة جريئة لم يكن الفيلم يحمل هذا الاسم، فقد كان اسمه “شبر مية”.. وكتبه ماهر عواد وصاغ السيناريو الخاص به وإنتهى منه في عام 1989، والفيلم عُرض على المخرج شريف عرفة، وهو بالمناسبة المخرج المفضل لعواد، والذي عمل معه في أول 4 أفلام أخرجها شريف في مسيرته.
نص الاتفاق في بادئ الأمر بعد عرض الفيلم عرى شريف أن بطلة الفيلم يجب أن تكون “شيريهان” وبالفعل تم التعاقد معاها وكان الفيلم يضم أكثر من استعراض.
لكن الحادث الشهير الذي تعرضت له “شيريهان” في نفس السنة حال دون استكمال المشروع، ورفض ماهر عواد استبدالها بفنانة أخرى، وقرر التحفظ على السيناريو، وألقاه على الرف لمدة 11 سنة كاملة!.
فتاة الإعلانات وأشرف عبد الباقي
في سنة 2000 قرر ماهر إعادة السناريو إلى الحياة، تحت إلحاح من بعض المقربين منه، لكن شريف عرفة كان انشغل في مشاريعه الخاصة مع الثنائي المحبب له وحيد حامد وعادل إمام.
تولى مهمة الإشراف على قصة فيلم رشة جريئة “سعيد حامد” المخرج المساعد فى جميع الأفلام ماهر عواد و مخرج فيلمه “الحب فى التلاجة”.
وعرض سعيد حامد على عواد اسم الفنان أشرف عبد الباقى، نجم من نجومه المفضلين، خاصة إنه تحمس للفكرة وأراد المشاركة في إنجاحها وظهورها إلى العلن، لكن يقال إن “ماهر عواد” رفض في البداية.
أما حكاية البطلة فقد حلها المخرج السوداني بمغامرة محسوبة بفتاة جديدة على السينما وتاريخها كله مسلسلين وفيلمين وفوازير، لكنه وجد الفوازير وتاريخها فى الإعلانات مثير للاهتمام، وقال “هى دى اللى تنفع تمثل و تقوم بالاستعراضات”، ليقرر التعاقد مع الواعدة “ياسمين عبد العزيز” لأداء الدور بما أنها الأقرب في المستوى إلى شريهان.
المميز جدًا فى “رشة جريئة” هو الأسماء القائمة عليه، تخيل أن مساعدين الإخراج هما احمد نادر جلال وعلى إدريس” والأخير كان له فيلم خاص به عرض فى نفس السنة.. ومع الثنائي شاب صغير لا يزال يخطو خطواته الأولى اسمه سامح حسين.
ناهيك عن مدير التصوير “طارق التلمسانى وسكريبت الإضاءة عباس ابو الحسن..نعم هو نفسه الذي عمل في فيلم ابراهيم الابيض والجزار فى فيلم مافيا.
تناسق الأدوار وإحباط الإيرادات
اجتمع كل هؤلاء في تناسق رائع للأدوار ومعهم المصور المبدع ستيدى كام (شاب الكاميرا المفضل في ذلك الوقت) وهو اليوم أفضل مدير تصوير مصرى فى جيله ويدعى “أحمد المرسى”، ويمكنكم مراجعة أعماله في أفلام حديثة إستخدمت فيها تقنيات التصوير بإفراط.
كل هذا ولم نتحدث بعد عن كلمات الأغاني التي كتبها “مجدى كامل” المبدع وصاحب أغاني ممتازة ومنتشرة فى أفلام التسعينات والألفية الجديدة، مثل “النور مكانه فى القلوب” و “هتنغنغ” التي غناها محمد هنيدى فى نفس السنة فى فيلمه الشهير “جاءنا البيان التالى”.
وصنع ألحان فيلم رشة جريئة “وليد سعد” وكان إختيار حسن الأسمر أكثر قرار عبقري، مع موسيقى تصويرية لخالد حماد.
خلقت هذه الأسماء حالة شديدة من الابهار والإبداع في فيلم استطاع تحقيق نجاحات جماهيرية غير عادية، بعد سنين من العرض السينمائي الذي جلب إيرادات ضعيفة جداً لم تتعد ثلاثة ملايين جنيه لكن ترك الفيلم الأثر الذي تمناه الكاتب وجميع العاملين فيه.
ربما قرار عرضه فى مارس 2001 أثر بالسلب على إيراداته “نوعاً ما” لكن لا أحد يعرف ماذا سيكون حاله لو عُرض في الصيف أمام أفلام أخرى حققت نجاحات مدهشة مثل “جاءنا البيان التالى” لهنيدي وحنان ترك، و “صعيدى رايح جاى” لهاني رمزي وماجد الكدواني، و “أيام السادات” للأسطورة أحمد زكي، و “أصحاب ولا بيزنس” لهاني سلامة ومصطفى قمر!
تلك الفترة كانت عامرة بالأعمال والأفكار البديعة، وبينها رشة جريئة الذي لم يقل عنهم قيمة في القصة والاستعراضات وأداء الممثلين من أول الأبطال وصولاً إلى أصغر الأدوار، وطريقة العرض والفكرة التي تبدو عادية، بخلاف أداء أشرف عبد الباقي الذي ظل محفوراً منذ ذلك الحين في أذهان الجميع.