تاريخ الميركاتو.. ماذا يعني ومتى بدأ؟

جرت العادة ألا تكون صفقات الانتقال الدائم مُشتعلة خلال فترة الانتقالات الشتوية (الميركاتو الشتوي) كما هو الحال في فترة الانتقالات الصيفية من كل عام، فمعظم الأندية تُفضل ضم لاعبين جدد على سبيل الاعارة في يناير لمدة 6 أشهر لحل مشكلة إصابة لاعب أساسي لمدة طويلة.
يَرجع أول انتقال على سبيل الاعارة في تاريخ كرة القدم إلى عام 1872، أي بعد حوالي 15 عامًا فقط من تأسيس الإنجليز للعبة.
في مارس 1872، لعُبت أول مباراة نهائي في تاريخ بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي، وجمعت فريقا واندرز أف سي ورويال إنجينيرس، وتفاجأ الناس آنذاك باسم لاعب غريب يُدعى شيكوير A. H. Chequerr في تشكيلة نادي واندرز، وكان ذلك اسمًا مستعارًا للاعب مورتون بيتس الذي كان يلعب عادة مع فريق Harrow Checkers، لكن ذلك الفريق قرر الانسحاب من الجولة الأولى للبطولة، وذلك لم يمنع انتقال بيتس إلى ناد آخر على سبيل الاعارة للعب في المباراة النهائية لأول بطولة في تاريخ المستديرة.
وأدرك الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، التأثير السلبي لهذا النوع من الانتقالات على نزاهة المنافسة، لذلك قرر اتخاذ الإجراءات اللازمة. وكانت النتيجة إضفاء الطابع الاحترافي على كرة القدم في عام 1885، الذي يتطلب تسجيل جميع اللاعبين المحترفين في الاتحاد.
ومع شعور الأندية بأنهم يستحقون تعويضًا ماليًا عن رحيل لاعب ما، أدى ذلك إلى وضع نظام جديد يمكن الأندية من الاحتفاظ بلاعبيها. الفرق الرئيسي بين هذا النظام وسوق الانتقالات اليوم، هو أن اللاعبين آنذاك لم يتمكنوا من الانتقال مجانًا بعد انتهاء مدة عقودهم، ما لم تدفع الأندية الجديدة مقابل الانتقال المطلوب.
وبسبب هذا القانون الجديد؛ انتقلت دفة القوة التفاوضية إلي الأندية، حيث أصبحت تتمتع بالقدرة على المساومة، ما مكنها من أن تقرر الاحتفاظ باللاعب وعرض عليه عقدًا (عادةً ما يكون لمدة سنة واحدة)، أو الانتظار حتى يقدم نادي آخر عرضًا مناسبًا لشراء اللاعب.
مساعدة الأندية في الميركاتو
فيما يتعلق بالنزاهة الرياضية، كان يهدف هذا التغيير إلي مساعدة الأندية الصغيرة في الاحتفاظ بنجوم الفريق أو الحصول على مبالغ كبيرة في المقابل.
كما كان يوجد أيضًا حد أقصى وأدنى للرواتب من أجل التحكم في أجور اللاعبين وحماية الاستقرار المالي للأندية. سمح هذا النظام فعليًا للأندية باحتكار اللاعبين، أي عملية انتقال أصبحت تتطلب موافقة كل من الهيئة التنظيمية -اتحاد كرة القدم- والنادي الذي يملُك اللاعب.

ومع ذلك، كان المالكون لا يزالون مهووسين بشدة بمطاردة المجد الكروي، مما يعني أن الحد الأقصى للأجور كان يُكسر بشكل غير قانوني في كثير من الأحيان من قبل مديري الأندية لجذب المواهب.
كان اتحاد اللاعبين، المعروف الآن باسم رابطة اللاعبين المحترفين، على علاقة مريرة مع اتحاد كرة القدم خلال العقد الأول من القرن العشرين، مهدداً بالاضرابات والحملات التي كان لها تأثيرًا ضئيلًا على الزيادة المطردة والبطيئة في الحد الأقصى للأجور.
ولم يكن من المفاجئ مغادرة لاعبون على مستوى عالٍ مثل ‘جون تشارلز’ و’جيمي جريفز’ إلى الخارج في الخمسينيات من القرن الماضي، عندما تم إغراءهم بأجور عالية.
ما هي ثقافة الهيبز في كرة القدم؟
شهدت فترة الستينيات من نفس القرن، التي اشتهرت بثقافة الهبي أو الهيبز Hippies (ظاهرة اجتماعية مناهضة للقيم الرأسمالية) وحركات الحرية، أول تغيير حقيقي في موازين القوى، عندما ألغت وزارة العمل الحد الأقصى للأجور في كرة القدم الإنجليزية عام 1961.

واتخذ هذا القرار في أعقاب التهديد بمزيد من الإضراب من قبل رابطة اللاعبين المحترفين، ما أعطاهم المزيد من القوة التفاوضية من حيث تأليب الأندية ضد بعضها البعض في مقابل الحصول على أعلى عرض للأجور.
هذا بدوره جعل اللاعبين قادرين على وضع أسمائهم في قائمة الانتقالات إذا رفضوا بنود العقد الجديد.
وعاش سوق الانتقالات بعدها نقطة تحول مؤثرة في عام 1963، عندما قدم ‘جورج إيستهام’ طلب انتقال من نيوكاسل يونايتد في عام 1959، وبعد أن رفض النادي، قرر جورج إيستهام عدم التوقيع على العقد الجديد المعروض عليه.
وبمساعدة رابطة اللاعبين المحترفين ورئيسها “جيمي هيل”، حصل جورج إيستهام أخيرًا على مراده وانتقل إلى فريق شمال لندن “آرسنال” في عام 1960 بعد حرب دعائية.
ورفعت رابطة اللاعبين المحترفين قضية إلى المحكمة لإجراء مزيد من التعديلات على النظام القديم الذي بدأ في عام 1885.
وحكم القاضي ‘بارون ويلبرفورس’ لصالح ‘جورج إيستهام’، مم اضطر سلطات كرة القدم إلى إعادة مراجعة النظام بحيث يمكن للاعبين الذين يصلون إلى نهاية عقودهم أن يغادروا بشكل مجاني إذا فشل النادي في تقديم عرض جديد مناسب.
على الرغم من ذلك ظلت الأندية تحتفظ بغالبية النفوذ عندما يتعلق الأمر بالانتقالات والعقود، ولكن زادت قيمة أجور اللاعبين أكثر من أي وقت مضى، وإذا لم يُعرض عليهم عقد محسن، فلهم حرية الانتقال دون أن يكونوا رهائن مقابل رغبة النادي.
حرية تعاقد اللاعبين في سوق الانتقالات
بعد المزيد من حملات رابطة اللاعبين المحترفين، شهد عام 1977 إدخال نظام “حرية التعاقد”، بمعنى أن اللاعب أصبح -بعد الالتزام بالشروط التعاقدية- حرًا في عقد أفضل صفقة ممكنة بالنسبة له (عدم الموافقة) مع أي شروط خاصة بالعرض الجديد من قبل النادي.

ولكن يحق للنادي الذي يحتفظ باللاعب الحصول على تعويض مالي إذا قدم عرضًا جديداً يكون على الأقل مثل العقد الأخير.
كما تم إنشاء هيئة لتحديد سعر الانتقال المطلوب إذا لم يتمكن الناديان (النادي الذي يملك اللاعب، والنادي الذي يريد ضمه) من الاتفاق على صفقة.
إلى هنا تعادلت السلطات وأصبح الأمر أكثر توازنًا بين النادي واللاعب. غير أن ما حدث بعد ذلك هدم المعبد فوق رؤوس نظام عام 1885، مما أدى إلي إنشاء سوق الانتقالات بشكله الحديث؛ لم يتبق إلا عائق أخير، ألا وهو: لم يكن يحق للاعب الانتقال إلا بعد اتفاق الناديين على قيمة الصفقة، حتى بعد انقضاء مدة العقد.
اقرأ أيضاً