تاريخ برشلونة

يُجسد نادي برشلونة الإسباني، بما يحمله من تاريخ عريق وإرث رياضي استثنائي، أحد أعظم الكيانات في عالم كرة القدم على الإطلاق. فمنذ تأسيسه عام 1899، تجاوز “البارسا” حدود اللعبة ليصبح رمزًا ثقافيًا وهوية وطنية لإقليم كتالونيا، وشعارًا للفخر والانتماء، تحت مقولته الشهيرة: “Més que un club”، أي “أكثر من مجرد نادٍ”.
مكانة برشلونة لا تُقاس فقط بعدد ألقابه المرموقة على الصعيدين المحلي والدولي، بل بحضوره الطاغي على المستطيل الأخضر، وتأثيره العميق في تطور فلسفة كرة القدم. بأسلوبه الثوري القائم على الاستحواذ والتمرير القصير والحركة الجماعية الذكية، المعروف بـ”تيكي تاكا”، أعاد الفريق تعريف مفاهيم اللعب الجماعي والهجوم المنظم، مانحًا الكرة متعةً وجمالًا قل نظيرهما.
ويُعد مركز تكوين الناشئين “لا ماسيا” أحد أعمدة نجاح برشلونة، حيث أنجب جيلاً ذهبيًا من اللاعبين الذين تركوا بصمتهم على المستويين المحلي والعالمي، مثل ليونيل ميسي، تشافي هيرنانديز، وأندريس إنييستا. هذه المدرسة لم تكن فقط مصنعًا للمواهب، بل منظومة متكاملة لغرس مبادئ اللعب النظيف والالتزام التكتيكي والانتماء للنادي.
وعلى مدار تاريخه، قدم النادي الكتالوني كوكبة من أساطير كرة القدم الذين خلدوا أسماءهم في سجلات اللعبة، بدءًا من باولينو ألكانتارا وجوسيب ساميتيير، مرورًا بيوهان كرويف، وروماريو، وريفالدو، ورونالدو، ووصولًا إلى كارليس بويول، ورونالدينيو، وتشافي هيرنانديز، وأندريس إنييستا، وليونيل ميسي.
ومن بين كل تلك الأساطير، يُعد ليو ميسي اللاعب الأكثر تمثيلًا لبرشلونة في تاريخه، بعدما خاض 778 مباراة رسمية بقميص الفريق، كما يتصدر قائمة الهدافين التاريخيين للنادي برصيد 672 هدفًا سجلها في مختلف المسابقات، خلال مسيرة حافلة جعلته أيقونة خالدة في تاريخ البلوجرانا.
في هذه الصفحة نرصد لكم كافة التفاصيل عن برشلونة، وتقديم تغطية بث مباشر لمبارياته المحلية والقارية، ورصد لجميع نتائجه وترتيبه في الليغا ودوري أبطال أوروبا لحظة بلحظة.
أين يقع مقر برشلونة؟
- يقع النادي في إقليم كتالونيا.
- الموقع الجغرافي للمدينة: تقع برشلونة في الجزء الشمالي الشرقي من شبه جزيرة أبييريا – شاطئ البحر المتوسط، وتعد من ثاني أكبر المدن الإسبانية، وهي عاصمة منطقة كتالونيا.
- النسبة من المساحة الكلية لإسبانيا: 6.3%.
- عدد سكان كتالونيا: 7.7 مليون نسمة.
- أهم الأندية الكروية في كتالونيا: برشلونة، إسبانيول، جيرونا، خيمناستيك طركونة، بادالونا.
- تاريخ تأسيس برشلونة الرسمي: 29 نوفمبر 1899.
- اسم الشهرة: النادي الكتالوني، البرسا، البلوغرانا
- الملعب: الكامب نو
- سعة الملعب: 99,354 ألف متفرج
- للتعرف على سجل بطولات وجميع ألقاب برشلونة اضغط هنا
- كلمات وترجمة نشيد برشلونة من هنا
- أخبار برشلونة من هنا
متى تأسس برشلونة؟
تأسس نادي برشلونة لكرة القدم في 29 نوفمبر 1899، على يد السويسري خوان غامبر الذي نشر إعلانًا في صحيفة لوس ديبورتس دعا فيه إلى تأسيس نادٍ لعشاق اللعبة في المدينة، فاستجاب له أحد عشر لاعبًا من جنسيات مختلفة، اجتمعوا في صالة “جيمناسيو سولي” ووضعوا اللبنات الأولى لكيان كروي سيصبح لاحقًا من الأعرق في العالم.
كان من بين المؤسسين الإنجليزيان جون وويليام بارسونز، السويسريان والتر وايلد وأوتو كونزل، الألماني أوتو ماير، والإسبان لويس دوسو، كارليس بجول، جوزيب لوبيت وآخرون، وشكّل هذا التنوع نواة لهوية النادي متعددة الثقافات منذ يومه الأول.
في عام 1908، تولى خوان غامبر رئاسة النادي للمرة الأولى، في وقت كان يمر فيه الفريق بأزمة مالية ورياضية. ومع مرور السنوات، أصبح غامبر رمزًا إداريًا عظيمًا، إذ تولى رئاسة النادي في خمس مناسبات منفصلة حتى عام 1925، وتمكن من إنقاذ النادي إداريًا واقتصاديًا، ونجح في زيادة عدد أعضائه بشكل كبير، حتى تجاوزوا 20,000 عضو بحلول 1922.

وفي العام نفسه، اشترى النادي ملعبًا جديدًا حمل اسم “ليس كورتس”، بسعة أولية بلغت 22 ألف متفرج، ارتفعت لاحقًا إلى 60 ألف، وكان ذلك إيذانًا ببداية مرحلة جديدة أكثر استقرارًا وطموحًا.
هكذا وُلد برشلونة من فكرة نشرها غامبر في صحيفة، ليصبح خلال عقدين فقط نادياً بملعبٍ خاص، وقاعدة جماهيرية واسعة، ونجاحات رياضية، وهو ما مهد الطريق لأسطورته المستمرة حتى اليوم في ملعب جديد تتجاوز سعته 99 ألف متفرج.
من هو أول رئيس في تاريخ برشلونة؟
تولى السويسري والتر وايلد أول رئاسة في تاريخ برشلونة، فيما خاض الفريق أول مباراة ودية في 9 ديسمبر 1899 أمام فريق إنجليزي محلي وخسرها 0–1، أما أول مباراة رسمية فكانت ضد ريال مدريد في 13 مايو 1902 ضمن كأس ملك إسبانيا وفاز بها 3–1، لتبدأ معه أولى صفحات الكلاسيكو التاريخي.

حقق برشلونة أول لقب له عام 1902 بعد الفوز بكأس “ماكايا”، وواصل ظهوره في البطولات المحلية، وكان يلعب في ملاعب وساحات متفرقة حتى استقر عام 1909 في ملعب “كامب ديل لا إندوستريا”، أول ملعب مضاء في إسبانيا، بسعة 6,000 متفرج. هناك عاش الفريق أولى فتراته الذهبية بفضل نجوم كبار أبرزهم باولينو ألكانتارا، صاحب 369 هدفًا بقميص الفريق، محققًا خلال تلك المرحلة ثمانية ألقاب في دوري كتالونيا، وخمسة في كأس الملك، وأربعة في بطولة كأس برانس.
قصة شعار برشلونة
كان ولازال برشلونة تعبيرًا عن هوية إقليم كتالونيا وطموحاته، وامتدت هذه الرمزية إلى شعاره الذي خضع لتحولات دقيقة على مر العقود، دون أن يفقد جوهره.
شعار برشلونة الأول تم تصميمه على شكل معين يضم صليبًا محاطًا بإكليل وتعلوه خفاش، في إشارة إلى الوحدة بين الجنسيات المختلفة التي ساهمت في إنشاء النادي.
لكن مع تزايد شعبية برشلونة، وخصوصًا بين الكتالونيين، جاء عام 1910 ليشهد ولادة الشعار الأيقوني، على هيئة درع مقسم إلى ثلاث مناطق: في الأعلى صليب سانت جورج وألوان علم كتالونيا، وفي الأسفل الخطوط الزرقاء والقرمزية يتوسطها تصميم قديم لكرة القدم، مع اختصار اسم النادي في المنتصف.
شهد الشعار عدة تعديلات طفيفة لاحقًا، أبرزها في عام 1920 حيث أصبحت الألوان أكثر إشراقًا مع دخول النادي عصر البطولات، ثم تغييرات رمزية بعد وفاة غامبر عام 1930 حيث تلون اسم النادي بالأسود حدادًا، قبل أن يُعاد التوازن إليه عام 1941 بإعادة ترتيب الحروف وتحديث اللون الذهبي.
وفي العصر الحديث، وتحديدًا عام 2002، أدخل النادي تعديلاً بصريًا خفيفًا على الشعار لجعله أكثر وضوحًا رقمياً، ثم حاولت الإدارة استحداث شعار جديد في 2018 لكنه قوبل برفض واسع من الجماهير نظراً لتخليه عن الرموز التقليدية.
يحمل شعار برشلونة الحالي صليب سانت جورج رمزًا للقديس الحامي، وألوان علم كتالونيا، بالإضافة إلى ألوان النادي الأزرق والقرمزي، بينما يعكس الشكل العام درعًا إيطالي الطابع يُعرف باسم “سكودو”، ليجسد بذلك مزيجًا من القومية، التاريخ، والهوية الكروية.

من هو أفضل رئيس في تاريخ برشلونة؟
يُعد الإسباني خوسيه لويس نونيز الرئيس الـ 35 في تاريخ نادي برشلونة، والأكثر نجاحًا وتأثيرًا في مسيرة النادي رقميًا وفنيًا. تولّى نونيز رئاسة البلوغرانا في 6 مايو 1978، وقاد النادي خلال واحدة من أطول الفترات وأكثرها ازدهارًا على مدار 22 عامًا، حتى عام 2000.
شهدت رئاسته محطات فارقة في تاريخ برشلونة، أبرزها التوقيع مع الأسطورة الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا، بالإضافة إلى إشرافه على توسعة ملعب كامب نو عام 1982، في خطوة عززت من قدرة النادي الجماهيرية والاقتصادية.
وفي عام 1984، أطلق نونيز مشروعًا آخر لا يقل أهمية، بإنشاء متحف برشلونة، الذي أصبح لاحقًا واحدًا من أكثر المتاحف زيارة في كتالونيا.
كما راهن نونيز على الفكر الهولندي المتطور، فعهد إلى يوهان كرويف مهمة تدريب الفريق الأول بين عامي 1988 و1996، وهي فترة شهدت تأسيس فلسفة “الكرة الشاملة” في برشلونة.

وخلال تلك الحقبة، نضجت أكاديمية لاماسيا تحت رعاية نونيز، وبدأت في تخريج مواهب استثنائية، كان أبرزهم لاحقًا المدرب بيب غوارديولا، أحد أبناء المدرسة الكروية للنادي.
وعلى الصعيد الرياضي، تُوج برشلونة في عهد نونيز بـ27 لقبًا، بينها 7 بطولات دوري إسباني، و6 كؤوس ملك، و5 كؤوس سوبر إسباني، إلى جانب لقبين في البطولة السابقة المعروفة بـ”كأس الدوري الإسباني”.
قاريًا، حقق الفريق معه نجاحات بارزة، إذ توج بلقب دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه عام 1992 على ملعب ويمبلي، إلى جانب 4 ألقاب في كأس الكؤوس الأوروبية، ولقبين في كأس السوبر الأوروبي.
وبالرغم من وفاته عام 2018، لا تزال بصمات نونيز حاضرة في ذاكرة النادي وتاريخه، إذ لم يتمكن أي رئيس لاحق من مضاهاة إنجازاته الكمية والهيكلية، باستثناء الرئيس الحالي جوان لابورتا الذي يظل أبرز منافسيه على لقب “الأفضل”، بعدما جمع 12 لقبًا خلال فترة رئاسته الأولى.
من هو أفضل مدرب في تاريخ برشلونة وانجازاته؟
يُعتبر الإسباني بيب غوارديولا أنجح مدرب في تاريخ برشلونة، ليس فقط بسبب حصاده القياسي للألقاب، بل لما أحدثه من ثورة حقيقية في أسلوب لعب الفريق، جعلت “البارسا” مرجعًا تكتيكيًا عالميًا.
فمنذ أن منحه رئيس النادي آنذاك، جوان لابورتا، ثقة قيادة الفريق الأول خلفًا للهولندي فرانك ريكارد في صيف 2008، وحتى رحيله في 2012، دوّن غوارديولا اسمه بحروفٍ من ذهب بتحقيقه 14 لقبًا في أربع سنوات فقط، رقم لم يقترب منه أي مدرب آخر في تاريخ النادي.
انطلقت مسيرة غوارديولا التدريبية مع برشلونة من بوابة الدور التمهيدي الثالث لدوري أبطال أوروبا أمام نادي فيسلا كراكوف البولندي، في موسمٍ كانت فيه جماهير الكامب نو تبحث عن بصيص أمل بعد موسم باهت حل فيه الفريق ثالثًا في الليغا خلف ريال مدريد وفياريال.
ورغم البداية المتواضعة بالخسارة بهدفٍ نظيف في الإياب، إلا أن الفوز الكبير ذهابًا برباعية كان مؤشرًا على قادم الأيام، حيث بدأت معها ملامح مشروع كروي غير تقليدي.
وفي موسمه الأول فقط، حقق غوارديولا إنجازًا أسطوريًا بحصد السداسية التاريخية عام 2009، وهي إنجاز لم يُسبق له مثيل في تاريخ كرة القدم حينها. فاز الفريق بلقب الدوري الإسباني، ثم تُوج بكأس الملك، وبلغ المجد الأوروبي بتفوقه على مانشستر يونايتد في نهائي دوري أبطال أوروبا في روما، قبل أن يُضيف ثلاثية أخرى مع انطلاقة الموسم التالي: كأس السوبر الإسباني، كأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية.

كان غوارديولا ابنًا وفيًا لفلسفة يوهان كرويف، لكنه لم يكن مجرد ناقلٍ لمبادئ “الكرة الشاملة”، بل طورها إلى حد الكمال عبر “التيكي تاكا”، وهي منظومة لعب تقوم على الاستحواذ الإيجابي والتمرير المتقن والحركة المستمرة دون كرة. وقد وجد في جيلٍ ذهبي من اللاعبين أمثال تشافي، إنييستا، وبالطبع ليو ميسي، الأدوات المثالية لتطبيق رؤيته التكتيكية.
وواصل بيب حصد الألقاب، فتُوج بالدوري الإسباني ثلاث مرات (2009، 2010، 2011)، وكأس الملك مرتين (2009، 2012)، وكأس السوبر الإسباني ثلاث مرات متتالية (2009، 2010، 2011).
وعلى الساحة القارية، قاد برشلونة للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا مرتين (2009، 2011)، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية في المناسبتين ذاتهما، ليؤكد هيمنة الفريق على القارة والعالم.
أما على الصعيد الفردي، فقد تُوج غوارديولا بجائزة أفضل مدرب في العالم مرتين خلال فترة تدريبه لبرشلونة، عامي 2008 و2010، في تقدير دولي لما قدمه من جودة وأسلوب غير مسبوق.