توماس هيتزلسبيرغر.. المثلي الذي خان حبيبته ونشر المثلية في كرة القدم
توغلت المثلية الجنسية في كرة القدم الأوروبية بصورة غير مسبوقة بدءًا من عام 2021 عندما حان الوقت لإقامة يورو 2020 المؤجلة منذ صيف 2020 بسبب فيروس كورونا، وتزايد الأمر مع إعلان رابطة الأندية الإنجليزية دعمها ومساندتها الكاملة لهذه الحركة المُعادية للقيم الإنسانية والدينية، بارتداء قادة أندية البريمييرليغ لشارة ألوان قوس قزح الخاصة بالمثليين في الجولة 11 من كل موسم.
تلك الأحداث سببّت الكثير من الحّرج للاعبين المسلمين الذين تواجدوا آنذاك في المسابقة أمثال بول بوغبا وساديو ماني وأنطونيو روديغر فضلاً عن النجمين المصريين محمد النني ومحمد صلاح، بل وحتى للاعبين غير مسلمين رافضين تلك المعتقدات وفي مقدمتهم نجم ليستر سيتي جيمي فاردي الذي حطم علم قوس قزح عن عمد في إحدى مباريات فريقه احتفالاً بهدف في الدوري الإنجليزي الممتاز.
متى بدأت قصة المثلية في كرة القدم؟
شهد تاريخ كرة القدم الإنجليزية إعلان لاعب نوريتش سيتي السابق “جاستن فاشانو” ميوله الشاذة في عام 1990، وانتحر بعدها بثمانية أعوام لعدم شعوره بأنه مقبول في المجتمع بعد الكشف عن تلك الخطوة.
لكن قضية المثلية بدأت مع اللعبة الشعبية الأولى في العالم بشكل أوضح في الألفية الجديدة بسبب اللاعب الألماني توماس هيتزلسبيرغر.
قبل سنوات ليست بالبعيدة، فجر الدولي الألماني المعتزل ونجم وسط ناديي أستون فيلا وشتوتغارت توماس هيتزلسبيرغر، قنبلة موقوتة يوم الثامن من يناير عام 2014.
اعترف خلال تصريحات أدلى بها لجريدة “دي تسايت” الألمانية، بتأييده الكامل للشذوذ الجنسي أو لما يعرف في أوروبا بـ “المثلية الجنسية” لأنه شاذ بالفعل.
كلمات توماس هيتزلسبيرغر أو هيتسلبرجر آنذاك، كانت بمثابة مرحلة جديدة في عالم المستديرة، حيث حررت بعض اللاعبين غير المنضبطين جنسياً للتعبير عن ميولهم على الأقل في محيط أسرهم وأنديتهم دون تمرير المعلومة لوسائل الإعلام.
وأشار توماس إلى أنه كان يحتفظ بهذا السر لسنوات طويلة خوفًا من ردة فعل سلبية تجاهه من المجتمع وزملائه لاعبي كرة القدم سواء في الأندية التي مثلها مثل شتوتجارت وأستون فيلا أو من جانب خصومه في الأندية والمنتخبات الأخرى.
لكن اللاعب صاحب التسديدات القوية قرر استغلال اعتزاله المبكر لكرة القدم بصفة رسمية للاعتراف أمام مراسل صحيفة دي تسايت الألمانية بهذا السر الخطير، وهو الأمر الذي أحدث ضجة كبرى على مستوى المجتمع الكروي العالمي عمومًا، ودفع البعض للتكهن بأسماء لاعبين ونجوم بارزين لديهم نفس الميول غير السوي.
وخلال حديث توماس هيتزلسبيرغر مع الصحيفة الألمانية، قال إن إحساسه بميوله الجنسية الشاذة لم يظهر إلا في السنوات القليلة الماضية.
أضاف “كنت في البداية رجلًا عاديًا على علاقة عاطفية مع سيدة ألمانية في الفترة ما بين عام 2002 وحتى ما بعد 2006، قبل أن نقرر الانفصال وأتوقف عن مواعدة النساء نهائيًا”.
وأكد المدير الرياضي الحالي لنادي شتوتغارت الألماني إلى أنه لم يكن يعرف أنه يميل للعيش مع رجل عوضًا عن امرأة سوى قبل سنوات قليلة من اعترافه هذا، موضحاً “لم أشعر بتاتًا بالخجل أو بالعار بسبب ميولي هذا”.
ماذا تعرف عن هيتزلسبيرغر؟
توماس هيتزلسبيرغر لم يستمر طويلاً في الملعب رغم تميزه في مركز الإرتكاز صاحب القدرة على استخلاص الكرة بحرفية عالية من الخصم، والتسديد بعيد المدى، والتغطية العكسية، ومستواه كان يشبه لحد ما مستوى من لاعبي العصر الحديث كيميتش وفيليب لام.
وولد توماس في 5 أبريل عام 1982 في مدينة ميونخ الألمانية، وسرعان ما اشتهر في البوندسليغا بتصويباته الصاروخية وتمريراته المتقنة كلاعب ارتكاز متقدم، وعمل كمديراً رياضياً فيما بعد لنادي شتوتجارت الألماني بدءًا من فبراير 2019 حتى الآن.
انطلقت مسيرته بين صفوف أكاديمية العملاق البافاري بايرن ميونيخ، إلا أنه لم يحصل على فرصة اللعب مع الفريق الأول ليقرر قضاء فترة تدريبية قصيرة مع سيلتيك جلاسكو الاسكتلندي، وبعد فترة قصيرة رحل للاحتراف مع أستون فيلا الإنجليزي في عام 2000.
وعاش توماس بعض الوقت في فريق الشباب للنادي الانجليزي قبل تصعيده للفريق الأول بتوصية من المدرب الإنجليزي الراحل غراهام تايلور عام 2002.
وتم الاعتماد على هيتزلسبيرغر فيما بعد في خط الوسط تحت قيادة المدرب الآيرلندي ديفيد أوليري، وبعد 5 أعوام في فيلا بارك عاد إلى ألمانيا ليمثل نادي شتوتغارت، والذي فاز معه بلقب الدوري الألماني موسم 2006/07.
رحلة قصيرة إلى لاتسيو
دافع توماس عن قميص منتخب ألمانيا الأول في 52 مباراة دولية ما بين عامي 2004 و2010، وكان ضمن قائمة المانشافت المستدعاة لمونديال 2006 وبطولة أمم وروبا (يورو) 2008.
والتحق توماس هيتزلسبيرغر بصفوف نادي لاتسيو الإيطالي في رحلة قصيرة بدءاً من يناير 2010، قبل العودة إلى إنجلترا من بوابة وست هام يونايتد في وقت لاحق من ذلك العام.
واختار اللاعب قضاء فترات قصيرة مع فولفسبورغ الألماني وإيفرتون الإنجليزي، قبل أن يعلن اعتزاله الرسمي لكرة القدم في سبتمبر 2013، في سن مبكرة للغاية، حيث كان يبلغ آنذاك 31 عامًا فقط، وذلك بسبب كثرة الإصابات -على حد وصفه-، إلا أن الحقيقة غير ذلك كما أشرنا.
الانفصال عن صديقته إنغا توتستاوير
انفصل توماس هيتزلسبرغر بشكل مفاجئ عن صديقته التي كانت تربطه به علاقة عاطفية قوية، إنغا توتستاوير، خلال عام 2007.
علاقة إنغا توتستاوير بتوماس دامت 8 سنوات، ولم تكن تشعر بسلوكه الغريب طوال تلك الفترة بفعل انشغاله عنها بكرة القدم، لدرجة أن قصة الحب التي جمعتهما كادت تُكلل بالزواج في عام 2007، لكن الزوج قرر دون سابق إنذار إلغاء كل شيء، قبل شهر واحد فقط على موعد الزفاف الذي تحدد بالفعل، مبرراً موقفه هذا بأنه غير صالح للزواج من أنثى بل من ذكر!.
بعد حوالي 7 أعوام من الانفصال، اتضح كل شيء تحديداً يوم 8 يناير 2014، حيث أصبح توماس هيتزلسبيرغر حديث الساعة واللاعب الأشهر في العالم بسبب تصريحه بميوله الجنسي، حيث أعلن بشكل واضح وصريح بحقيقة الأمر، مؤكدًا أنه أدرك ذلك فقط قبل سنوات قليلة من علاقته مع صديقته وزوجته المستقبلية.
استمتع مع صديقي الرجل
أبدى هيتسلبرغر في وقت سابق بعد اعتزاله استهجانه من الهجوم المتكرر على مجتمع الميم “المثليون”، حيث رفض من الإعلام التدخل فى حياتهم الشخصية أو نعتهم بكلمة شواذ.
وقال خلال المقابلة، التي أعلن فيها ميوله الجنسي: “أنا لست شاذًا، ولكني مثلي الجنس. لا أجد أى عيب فى ذلك؛ كانت لى علاقات نسائية سابقة ولم أسمع أحد يتحدث، لكن مؤخرًا اكتشفت ميلي للرجال”.
أضاف: “أنا أستمتع بحياتي الآن مع صديقي الشخصي، ولن أصرح باسمه، من الممكن أن نتزوج، لا أعلم متى ولكني أشعر بالراحة والانجذاب له”.
وأتم هيتزلسبيرغر “ليس من الضروري أن يعبر الشخص عن ميوله الجنسية من خلال ممارسة الجنس فعليًا، ولكن العديد من المثليين يقيمون علاقات مثلية ملتزمة”.
ما هي نتيجة تصريح هيتزلسبيرغر؟
بعد تحرك توماس، أفصح أحد نجوم الدوري الإنجليزي الممتاز عن ميوله الشاذة، ولكنه لم يكشف هويته ورفض إعلان اسمه لوسائل الإعلام المحلية، حسب ما نشرته صحيفة ذا صن البريطانية.
وقالت ذا صن “تلقت الصحيفة رسالة أرسلها لاعب من لاعبي أندية البريمييرليغ كتب فيها أنه مثلي الجنس”.
تابعت الصحيفة “اللاعب قال إن كتابة مثل ذلك الأمر في رسالة نصية يراه خطر كبير بالنسبة له”.
وأضاف نفس اللاعب دون ذكر اسمه “فقط أنا وعائلتي ومجموعة صغيرة للغاية من الأصدقاء على علم بهويتي الجنسية، ولا أشعر أنني على استعداد لمشاركة ذلك مع فريقي أو مديري الفني. هذه الحياة كالكابوس بالنسبة لي، هذا يؤثر على صحتي النفسية. أشعر أنني محاصر وسط مخاوفي”.
وواصل: “الحصول على شريك حياة في منتهى الصعوبة نظرًا لظروف مهنتي، في الوقت الحالي أتجنب العلاقات بشكل كامل، لأن العثور على شريك لمدى طويل يتطلب مستويات ثقة عالية من الصعب منحها لأي شخص”.
وشدد على ضرورة خضوع اللعبة لتغييرات قائلاً: “لا أظن أن كرة القدم مستعدة بعد لخروج أحد اللاعبين بمثل ذلك، اللعبة في حاجة لتغييرات جذرية لتحقيق ذلك. على الكل بما فيهم الجماهير والمدربين واللاعبين وملاك الأندية أن يتعلموا كيفية التعامل مع المثلية الجنسية”.
وأكمل حديثه المثير للجدل “لو كنت سأعلن للجميع أريد أن أتأكد من حصولي على الدعم من الكل في أية خطوة، لقد سمعت هتافات ضد المثلية لمرات ومرات لا يمكن عدها، أتمنى لو أنني لم تكن حياتي بتلك الطريقة”.
وشهد شهر أكتوبر 2021 إعلان لاعب أسترالي مثلي التوجه الجنسي، يدعى جوش كافالو، شارك مع منتخب بلاده في مباريات كأس العالم في قطر 2022.
رد عنيف من جيمي فاردي
عقب الترويج المبالغ فيه لأفكار ومعتقدات المثلية، رد نجم ليستر سيتي الإنجليزي، جيمي فاردي بعنف على الأمر، بتحطيم الراية الركنية في ملعب برامول لين، بعد تسجيله لهدف الفوز على شيفيلد يونايتد يوم الأحد 6 ديسمبر 2020، ضمن منافسات الجولة 11 من الدوري الإنجليزي الممتاز.
أثار تصرف فاردي الجدل حول ما إذا كان متعمدًا أم لا، وطالب مجتمع الميم بإيقاف اللاعب ومعاقبته، ليجبر فاردي على الاعتذار قائلاً إنه لم يقصد إهانة المثليين، لكن بعد أشهر معدودة هبط ليستر من البريمييرليغ.
وتصدرت لقطة فاردي موقع التواصل الجتماعي تويتر في إنجلترا على مدار عام 2020، في ظل توقع بعض المغردين أن هداف ليستر سيتي قام بكسر عصا الراية الركنية التي تحمل علم بألوان القوس قزح لأنه “كاره للشواذ جنسيًا”، كما أيدوا ما قام به النجم الإنجليزي.
ماذا يفعل هيتزلسبيرغر منذ الاعتزال؟
اهتم توماس هيتزلسبيرغر بالاقتصاد الرياضي، وأثناء وجوده في بريطانيا درس استراتيجيات الاستثمار عمومًا، حيث كان يزور بانتظام بنك إنجلترا لمناقشة التمويل مع محافظ البنك ميرفين كينج أحد مشجعي أستون فيلا القدامى.
وقام هيتسلبرجر بالتدوين على مواقع مناهضة للعنصرية؛ لمناقشة قضايا حول كراهية الأجانب والعنصرية في بلده ألمانيا.
وفي 12 فبراير 2019 تولى توماس هيتزلسبيرغر منصب المدير الرياضي في نادي شتوتجارت الألماني، وبعد 16 شهرًا فقط تمكن الفريق من العودة إلى الدوري الألماني الدرجة الأولى، البوندسليجا، باحتلال المركز الثاني خلف آرمينيا بيلفيلد.
وقدم شتوتجارت مستويات فنية جيدة جدًا مع بداية موسم 2021/2020 بالمنافسة على مقعد مؤهل للدوري الأوروبي وسط جدول الترتيب، بفضل إبرام توماس للعديد من الصفقات الهامة، حيث جلب الفرنسي أخالي سيسيه، والسويسري جريجور كوبيل، والثلاثي الألماني لوكا ماك وفالديمار أنتون وبسكال شتينزيل، والياباني إندو، فضلاً عن استعارة هيتزلسبيرغر للموهبة الفرنسية الواعدة ناويرو أحمادا من يوفنتوس الايطالي.
