مقالات

متى طبق قانون البطاقة الصفراء.. وما هي أول حالة انذار في تاريخ كرة القدم؟

يعتقد كثيرون من عشاق المستديرة الساحرة أن البطاقات الملونة صفراء وحمراء قانون تم تطبيقه مع بدء ممارسة اللعبة الشعبية الأولى في العالم، لكن هذا غير صحيح، فقد أُبتكر قانون البطاقات الملونة بين فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن الـ 20، وله تاريخ وتفاصيل تستحق الذكر والتفنيد.

لم تبدأ كرة القدم بوجود عقوبات خلال سير اللعب بالبطاقة الصفراء أو الحمراء، بالتالي فهي تُعد التعديلات الكثيرة الدخيلة على القوانين الأساسية للعبة.

تم استحداث قانون البطاقة الصفراء من أجل حل الأزمات التي واجهت حكام الساحة في إدارة المباريات، خاصة في اللقاءات الدولية التي تتأثر بالحساسيات السياسية والعرقية والدينية مع اختلاف اللغات.

واعتمد التحكيم في بداياته مع كرة القدم على الإشارة لاتخاذ قراراته ضد أو لصالح اللاعبين بصورة شفهية دون استخدام دلالات مادية من أجل تحذير أو إنذار لاعب أو طرده.

وتسبب تعدد اللغات مع رفع عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم وكأس أمم أوروبا، في ظهور أزمات حقيقية أدت لإفساد عدد من المباريات الكلاسيكية بين دول من قارات بعيدة، حتى قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” منح الحكام حق استخدام البطاقات الملونة خلال جميع المباريات بعد الموافقة على الفكرة التي طرحها الحكم البريطاني كين أستون.

التكنولوجيا لم تنه عمل الحكم

رغم دخول التكنولوجيا لعالم كرة القدم متمثلة في عين الصقر والفيديو المساعد “الفار”، إلا أن الحكم لا يزال يستطيع اتخاذ قرار الإنذار أو الطرد بمفرده أو بمساعدة أحد مساعديه في حال عدم وضوح الرؤية.

وتوجد العديد من الحالات في كرة القدم التي تُجبر الحكم على إشهار البطاقات الصفراء في وجه أحد اللاعبين، بهدف التحذير من المخالفة.

تقنية الفار يمكنها ايقاف اللعب في التدخلات العنيفة التي تستوجب بطاقة حمراء
متى طبق قانون البطاقة الصفراء.. وما هي أول حالة انذار في تاريخ كرة القدم؟

ومن أبرز الحالات التحكيمية التي تستوجب البطاقة الصفراء، التدخل القوي على الخصم أو الإعاقة المتعمدة أو الجذب من القميص أو إضاعة الوقت بحرمان الخصم من الكرة عند احتساب خطأ، أو الاعتراض غير اللائق على قرار الحكم بأسلوب فظ.

وفي بداية الألفية الجديدة (القرن الـ 21) أضيف إلى قانون البطاقة الصفراء تعمد لمس الكرة باليد في أي مكان بأرض الملعب باستثناء على خط المرمى تكون بطاقة حمراء.

كما ينذر اللاعب على خلع القميص عند تسجيل هدف، كون هذا التصرف يؤدي بالضرورة إلى إضاعة الوقت عند عودة اللاعب لارتداء القميص لاستئناف اللعب، كما أن خلع القميص يكون فرصة لايصال رسائل غير رياضية ذات معان دينية أو اقتصادية عرقية أو سياسية.

وقد تتحول البطاقة الصفراء إلى بطاقة الحمراء في حال تكرر حصول اللاعب على البطاقة الصفراء خلال سير اللعب، لكن في ركلات الترجيح إذا أنذر لاعب خلال الوقت الأصلي وحصل على بطاقة صفراء لإضاعة الوقت أو تشتيت الخصم أو الاعتراض على الحكم، فلا تشهر له بطاقة حمراء ويمنع من لعب ركلة الترجيح، وهذه الحالة وقعت في عام 2024 لحارس مرمى أستون فيلا إيميليانو مارتينيز خلال مباراة في بطولة الدوري الأوروبي.

وبإمكان تقنية الفيديو المساعد (الفار) في حالات التدخلات العنيفة التي تستوجب بطاقة حمراء وتحتاج لمراجعة ذاتية من الحكم عبر الشاشة الصغيرة.

بعد كل هذا التعريف بقانون البطاقة الصفراء، يبقى السؤال الأهم الذي يجهل إجابته العديد من عشاق كرة القدم؛ هو متى بدأ استخدام البطاقة الصفراء داخل ملاعب الساحرة المستديرة؟

من هو صاحب فكرة قانون البطاقة الصفراء؟

وُلدت فكرة استخدام البطاقات الملونة داخل ملاعب كرة القدم من جانب الحكم البريطاني “كينيث جورج أستون” أو اختصاراً كين أستون، وذلك يوم 24 يوليو 1966.

متى طبق قانون البطاقة الصفراء.. وما هي أول حالة انذار في تاريخ كرة القدم؟
الحكم الإنجليزي كينيث جورج أستون مبتكر قانون البطاقة الصفراء في كرة القدم عام 1966

الحكم كينيث جورج أستون (Kenneth George Aston) المولود في مدينة كولشيستر يوم 1 سبتمبر 1915، وتوفى يوم 23 أكتوبر 2001 عن عمر ناهز الـ 86 في مدينة إيفورد، لم يكن يعلم أن اسمه سيُخلد في تاريخ كرة القدم عند ابتكار هذه الفكرة التي أضافت الكثير من الحزم والشخصية للعبة حول العالم.

استخلص كينيث أستون فكرة استخدام البطاقات الصفراء والحمراء من إشارات المرور، عندما توقف أمام إحدى الإشارات في العاصمة الإنجليزية “لندن” خلال إقامة كأس العالم في البلاد عام 1966 للمرة الأولى في التاريخ.

وجد كين أستون أنه من الضروري وجود إشارة تحكيمية يمكن للجميع فهمها خلال سير اللعب عندما يقرر الحكم تحذير لاعب أو طرده خارج الملعب لمنع المشاكل التي تحدث بسبب سوء الفهم من اللاعبين نظراً لاختلاف الثقافات واللغات.

وأخبر كينيث أستون لجنة الحكام في الاتحاد الإنجليزي بضرورة إيصال الفكرة المستوحاة من إشارات المرور إلى اتحاد تشريع قوانين كرة القدم IFAB، ليتم اعتماد نظام البطاقات الصفراء والحمراء لمعاقبة اللاعبين منذ ذلك الحين.

لكن الفكرة لم تُنفذ فيما تبقى من كأس العالم 1966 الذي عرف الكثير من المشاحنات بين اللاعبين، وطُبقت فكرة كين أستون بشكل “تجريبي” لأول مرة خلال دورة الألعاب الأولمبية في المكسيك عام 1968.

وحقق اقتراح كينيث أستون نجاحًا كبيرًا، الأمر الذي دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لعقد اجتماع يوم 20 سبتمبر من عام 1969، لاتخاذ قرار بتعميم الفكرة في جميع دوريات وبطولات العالم.

وبالفعل استخدامت البطاقات في جميع المسابقات دون استثناء، وكان كأس العالم الذي استضافته المكسيك عام 1970 وتُوجت به البرازيل أول بطولة دولية رسمية تطبق فيه البطاقة الصفراء لحماية اللاعبين من الخشونة ولتوفير قوة وشخصية أكبر لسيد الملعب “الحكم”.

مباراة إنجلترا والأرجنتين سبب البطاقة الصفراء

كانت مباراة ربع نهائي كأس العالم 1966 بين إنجلترا والأرجنتين هي السبب الرئيسي في اللجوء إلى استخدام البطاقات الملونة، بل وفي تفكير كين أستون في تلك الفكرة من الأساس، أكثر من معركة سانتياغو التي شهدت خشونة غير عادية بين لاعبي منتخبي تشيلي وإيطاليا في كأس العالم الذي سبق نسخة إنجلترا عام 1962.

حكم مباراة إنجلترا وألمانيا في كأس العالم 1966، الألماني رودولف كريليتين
حكم مباراة إنجلترا وألمانيا في كأس العالم 1966، الألماني رودولف كريليتين

خلال مباراة إنجلترا والأرجنتين نشبت تدخلات عنيفة وخشنة للغاية بين الطرفين، وكانت بحق أشبه بمعركة حربية بين الأسود الثلاثة وراقصي التانغو في حضرة ملعب ويمبلي تحت أنظار 90 ألف متفرج.

أصدر الحكم الألماني “رودولف كريليتين” في تلك المواجهة عدد لا يحصى من القرارات القاسية دون العودة أولاً لإنذار اللاعبين بشكل شفهي، ودون توضيح لقراراته خلال المباراة للاعبي الفريقين من شدة غضبه من سلوكهم.

تصرفات رودولف كريليتين – ذو الأصل السويسري – دفعت مدرب إنجلترا آنذاك “السير ألف رامسي” نحو التواصل مع المسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لاستيضاح ما حدث عقب نهاية اللقاء.

بعد هذه الواقعة، جاء تفكير البريطاني كين أستون في طريقة لجعل قرارات الحكم مفهومة للاعبين والمشاهدين، وعلم أن السير على طريقة إشارة المرور بطرح بطاقات ملونة مثل الصفراء للتحذير، والحمراء للطرد، سيساهم بشكل فعال على تجاوز الاختلافات في اللغة.

ما أول حالة بطاقة صفراء في تاريخ الكرة؟

يُعتبر الحكم الألماني “كورت تشينشر” أول من أشهر البطاقة الصفراء رسميا في تاريخ كرة القدم، وذلك خلال قيادته للمباراة الافتتاحية لمونديال المكسيك عام 1970.

متى طبق قانون البطاقة الصفراء.. وما هي أول حالة انذار في تاريخ كرة القدم؟
الحكم الألماني كورت تشينشر صاحب أول بطاقة صفراء في تاريخ بطولات كأس العالم عام 1970 في مباراة المكسيك والاتحاد السوفيتي الروسي

وقام كورت تشينشر (Kurt Tschenscher) بإنذار “كاخي اساتياني” لاعب منتخب الاتحاد السوفيتي (روسيا حاليًا)، قبل أن يقوم كورت تشينشر بعدها بإشهار 4 بطاقات صفراء أخرى في المباراة ذاتها.

وأشهرت البطاقة الصفراء لثلاثة لاعبين آخرين من منتخب الاتحاد السوفيتي الروسي هم “غيفي نوديا وإيفغيني لوفشيف وغينادي لوغوفيت”.

وتحت أنظار 107 ألف متفرج حضروا المباراة المنتهية بالتعادل السلبي على ملعب أزتيكا بمكسيكو سيتي، نال اللاعب المكسيكي غوستافو بيينا أول بطاقة صفراء في تاريخ مشوار منتخب بلاده ببطولات كأس العالم.

من هو أكثر لاعب حصل على بطاقات صفراء؟

منذ بدء العمل بالبطاقات الملونة في لعبة كرة القدم، يُعد مدافع ريال مدريد والمنتخب الإسباني، سيرخيو راموس، أكثر لاعب تم إشهار البطاقة الصفراء في وجهه.

سيرخيو راموس أكثر لاعب في تاريخ كرة القدم حصولاً على بطاقات صفراء
سيرخيو راموس أكثر لاعب في تاريخ كرة القدم حصولاً على بطاقات صفراء – Getty

يصل عدد البطاقات الصفراء التي حصل عليها راموس في الفترة من 2004 إلى مايو 2024 لأكثر من 243 مرة في أزيد من 700 مباراة خاضها مع الأندية التي دافع عن ألوانها “ريال مدريد وإشبيلية وباريس سان جيرمان”.

كما نال بطل يورو 2008 وكأس العالم 2010 ما مجموعه 24 بطاقة صفراء خلال مسيرته في 170 مباراة مع المنتخب الإسباني الأول.

متى طبق قانون البطاقة الصفراء.. وما هي أول حالة انذار في تاريخ كرة القدم؟
اعتراض سيرخيو راموس على الحكم بعد منحه بطاقة صفراء أثناء ولايته الثانية مع نادي إشبيلية – Getty

وتعرض قائد الملكي للبطاقة الصفراء الثانية والطرد ذات المباراة في 18 مرة، بينما واجه اللاعب العنيف عقوبة الطرد المباشر بالبطاقة الحمراء 8 مرات وكانت جميع الحالات مع فريقه الحالي ريال مدريد.

ما قصة معركة نورنبيرغ بين البرتغال وهولندا؟

تتصدر معركة نورنبيرغ بين البرتغال وهولندا في مباراة الدور ثمن النهائي من بطولة كأس العالم 2006، لائحة أهم مباراة في تاريخ كرة القدم من حيث الخشونة وعدد البطاقات الصفراء، وتتبعها مباراة الأرجنتين وهولندا في مونديال قطر 2022 التي شهدت إشهار الحكم الإسباني أنتونيو ماتيو لاهوز 18 بطاقة صفراء من بينهم بطاقة صفراء لأحد أعضاء الأجهزة الفنية.

أدار مباراة البرتغال وهولندا الحكم الروسي “فالنتين إيفانوف” يوم 25 يونيه 2006، على ملعب نادي نورنبيرغ الألماني “فرانكين ستاديون”، في حضور 41 ألف متفرج.

الحكم الروسي فالنتين إيفانوف في معركة نورينبيرغ في كأس العالم 2006 يطرد خالد بولحروز
الحكم الروسي فالنتين إيفانوف في معركة نورينبيرغ في كأس العالم 2006 يطرد خالد بولحروز – Getty

وتتفوق مباراة البرتغال وهولندا 2006 على معركة الأرجنتين وهولندا 2022 بسبب إشهار 3 بطاقات حمراء بعد بطاقتين صفراوين.

الحكم الروسي حقق آنذاك رقمًا قياسيًا في عدد مرات إشهار البطاقة الصفراء وصل إلى 16 بطاقة، وكان ذلك الحدث غير مُسبوق في تاريخ مسابقات الفيفا، وأضاف المزيد من الإثارة بطرد متوسط ميدان البرتغال كوشتينها في الدقيقة 45+1، ومدافع هولندا خالد بولحروز في الدقيقة 63، وعاد ليطرد لاعب برتغالي آخر في الدقيقة 78 كان نجم برشلونة ديكو.

العصبية المفرطة التي لعب بها المنتخبان آنذاك، كانت ناجمة في الأساس عّما حدث بينهما قبل عامين في نصف نهائي كأس أمم أوروبا يورو 2004 التي استضافتها البرتغال، وشهدت فوز صعب للبرتغال بنتيجة 1/2.

الحكم الروسي فالنتين ايفانوف يطرد ديكو في مباراة البرتغال وهولندا بكأس العالم 2006
الحكم الروسي فالنتين ايفانوف يطرد ديكو في مباراة البرتغال وهولندا بكأس العالم 2006 – Getty

بدأ الحكم فالنتين إيفانوف استخدام البطاقات الصفراء ضد لاعبي بدءًا من الدقيقة الثانية عندما أشهرها في وجه لاعب الوسط الهولندي “مارك فان بوميل”.

وبعد 5 دقائق فقط عاد ليُشهر البطاقة الصفراء للمدافع الهولندي ذو الأصل المغربي “خالد بولحروز” والذي طرد فيما بعد عند الدقيقة 63 لحصوله على البطاقة الصفراء الثانية.

وكانت أول بطاقة صفراء لمنتخب البرتغال في المباراة عند الدقيقة 20 للاعب وسط بورتو وتشيلسي “مانيتشي” والذي سجل هدف الفوز الوحيد لأحفاد فاسكو دي جاما عند الدقيقة 23.

التالي قائمة البطاقات الـ 16 التي أشهرت في المباراة:

بطاقات هولندا (7 بطاقات صفراء + 2 حمراء): “مارك فان بوميل (ق2)، خالد بولحروز (ق7 +63)، جيوفاني فان برونكهورست (ق 59 + 95)، فيسلي شنايدر (ق 73)، رافايل فان دير فارت (ق 74).

بطاقات البرتغال (9 بطاقات صفراء + 2 حمراء): مانيشي (ق 20)، كوشتينها (ق 31 + 45)، بيتيت (ق 50)، لويس فيجو (ق 60)، ديكو (ق 73 +78)، نونو فالينتي (ق 76)، ريكاردو (ق 76).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى